الخميس، 16 أكتوبر 2014

خسائر بشرية في تجدد للعنف شمال مالي..والطوارق يهددون

الرأي الازوادي- ص ميديا
من الارشيف
قتل شخصان على الأقل، وجرح آخرون، إثر اشتباكات عنيفة دارت اليوم الخميس في منطقة "تيللت" على بعد 170 كلم جنوب غاو، بين عناصر من الحركة الوطنية لتحرير أزواد ومسلحين من "غاتيا  ــ  لامغاد" وهي من الطوارق الموالين 
للسلطات المركزية في باماكو. 
  
وحسب المعلومات التي توصلت بها صحراء ميديا فقد قتل اثنان من عناصر الحركة الوطنية وجرح أربعة. بينما احترقت سيارة تابعة "غاتيا لامغاد" بمن فيها.  
  
وقال مصدر طبي في غاو، إن عددا من جرحى المجموعة الموالية للجيش المالي، وصلوا إلى مستشفى المدينة، عقب المواجهات المسلحة. 
  
فيما أكدت مصادر من الحركة الوطنية لتحرير أزواد أن عناصرها قتلوا عددا كبيرا من عناصر الجهة الأخرى، واستولوا على إحدى السيارات. 
  
وبدأ الاشتباك في ساعات الصباح الأولى واستمر حتى الغروب. 
   
ويعود السبب في الاقتتال، إلى مشكلة حدثت منذ أيام بين نقطة تفتيش تابعة لـ"لامغاد" تابعين للحركة الوطنية لتحرير ازواد وسيارة لامغاد تابعين لحركة غاتيا التابعة لمليشيات الجيش المالي 
  
وأكدت مصادر من غاو ان قتال اليوم شارك فيه ضباط من الجيش المالي، كما أن الحركة العربية (جناح لمهار) دعم "امغاد" في هجومهم. 
  
وعلى الفور عقد المجلس الانتقالي الأزوادي اجتماعا طارئا في كيدال، لبحث إمكانية تعطيل  محادثات السلام مع باماكو، وإقرار الخطوة الموالية. 
  
وكان من المقرر أن تغادر الوفود المفاوضة غدا الجمعة إلى الجزائر العاصمة من أجل استئناف المفاوضات.  حيث وقعت الحكومة المالية وست حركات مسلحة في يوليو بالعاصمة الجزائرية خارطة طريق للمفاوضات، بهدف إعادة إحلال السلام وبدأت منذ سبتمبر جولة ثانية من المفاوضات لم تؤد إلى أي تقدم يذكر. 
  
وتعد مجموعة "غاتيا" آخر التنظيمات المسلحة التي ظهرت في شمال مالي وتسعى الى السيطرة على مناطق ترابية لتتمكن من التأثير على المفاوضات الجارية في العاصمة الجزائرية. وتسعى الحركة الوطنية لتحرير ازواد لمنع ذلك مع حلفاء آخرين. 
  
وعادة ما تلقى "غاتيا" المحسوبة على الجنرال الهجي آغ غامو وهو ضابط من الطوارق موال للجيش الحكومي، دعما ميدانيا من الجيش ومن فرع (لمهار) في الحركة العربية لتحرير ازواد.

نص المصدر

الطوارق يتّهمون حكومة باماكو بـ "انتهاك اتّفاق وقف إطلاق النار

الرأي الازوادي- وكالات

اتّهمت تنسيقية الحركات الأزوادية في مالي (متمردو الطوارق) الجيش النظامي للبلاد، بـ "انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار"، عقب هجوم شنّه الأخير، مستهدفا مواقع لمتمرّدين أزواد شمالي البلاد.
وقالت التنسيقية، اليوم الخميس في بيان، إنّها "تبلغ الرأي العام الوطني والدولي، أنّ مواقع نتيليت (شمال) تعرّضت في وقت مبكّر من صبيحة اليوم (الخميس) لهجوم من قبل الميليشيات المتحالفة مع الجيش المالي".
وأضاف البيان أنّه "سبق وأن نبّهت تنسيقية الحركات الأزوادية جميع القوات الدولية الموجودة على الأرض (لما تعتبره انتهاكا من جانب الجيش المالي)، كما اتّخذت من أعضاء فريق الوساطة الدولية شهودا على تصرّفات الجيش المالي عن طريق ميليشياته التي تستعدّ منذ عدّة أيام لشنّ هجوم على مواقعنا".
ولفتت التنسيقة إلى أنّ هذا الهجوم يشكّل "انتهاكا خطيرا لاتفاقية وقف إطلاق النار الموقّعة في 23 مايو/ آيار بـ "كيدال" (شمال)، وللالتزامات التي تعهّدت بها حكومة باماكو في إطار عملية السلام".
وكانت الحكومة المالية وقّعت، في 23 مايو/ آيار الماضي، غداة المواجهات الدامية في مدينة "كيدال"، أحد معاقل المتمرّدين الطوارق، اتفاقا مع المجموعات المتمرّدة والمتمركزة شمالي البلاد، بوقف إطلاق النار بين الجانبين.
وفي يوليو/ تموز الماضي، انطلقت المفاوضات الرامية إلى التوصّل لحلّ نهائي لأزمة الشمال المالي، حيث يطالب المتمردون الطوارق بالإدارة بحقّهم في تقرير مصيرهم واستقلال إقليم أزواد، والذي يضمّ 3 مناطق هي "كيدال"، "تمبكتو" و"غاو" (جميعها في الشمال). إلاّ أنّ مطالبهم قوبلت بالرفض من قبل الحكومة المركزية في العاصمة باماكو، دفاعا عن سلامة ووحدة التراب المالي.
وخلال الجولة الأخيرة من محادثات السلام التي احتضنتها العاصمة الجزائرية، طالب المتمرّدون بتطبيق النظام الفدرالي بين إقليم أزواد وبقية مناطق البلاد.
وكانت مالي شهدت انقلابا عسكريا في مارس/ آذار 2012، تنازعت بعده "الحركة الوطنية لتحرير أزواد" مع كل من حركة "التوحيد والجهاد"، وحليفتها حركة "أنصار الدين" اللتين يشتبه في علاقتهما بتنظيم القاعدة، السيطرة على مناطق شمالي البلاد، قبل أن يشن الجيش المالي، مدعومًا بقوات فرنسية، عملية عسكرية في الشمال يناير/ كانون الثاني 2013 لاستعادة تلك المناطق.
وتطالب الحركات الأزوادية بحكم ذاتي لإقليم أزواد، وهو ما ترفضه الحكومة المركزية التي ترى أن مشكلة الشمال هي مشكلة تنموية بالأساس، وأن المفاوضات يجب أن تتركز حول قضايا التنمية فقط.
وإقليم أزواد هو اسم غير رسمي لمنطقة في شمال مالي تضم مدن تمبكتو، وكيدال، وغاو وجزء من مدينة موبتي.

نص المصدر

الخميس، 2 أكتوبر 2014

أزواد في عمق السياسة الموريتانية

الرأي الازوادي -السراج


السبت, 27 سبتمبر 2014 14:18
يمثل إقليم أزواد أحد أهم عوائق الأمن والسلام في منطقة الساحل، فعلى رماله المتحركة يقتل حلم الانسجام والتكامل بين دول المنطقة كل يوم،تماما مثل ما يراق دم الإنسان بشكل دائم على أرض ألفت الدم منذ قرون عديدة، ومع كل نظام سياسي جديد في المنطقة تبرز رؤية جديدة للتعامل مع ملف بالغ التعقيد، ويمثل أزواد الخاصرة الرخوة بالنسبة لموريتانيا التي يمتد هذا الإقليم محاذيا لحدودها الشرقية، قبل أن يلتف أيضا على جزء أساسي من حدودها الشمالية، راسما لصحراء الإرهاب والتهريب حدودها ومساراتها.

ولقد ظل ملف أزواد أحد أكثر الملفات المعقدة على طاولة الأنظمة المتعاقبة على موريتانيا، دون أن تملك رؤية واضحة أو محددة تجاه هذا الملف الذي يتداخل فيها الأمن والسياسة والمصالح الاقتصادية تداخل السكان بين الحوضين وإقليم أزواد.



ويمكن القول إن أبرز العوامل التي تتحكم في الموقف الموريتاني من قضية أزواد يمكن حصرها في المحاور التالية

ولعل من أبرز العوامل التي تدفع موريتانيا إلى الاهتمام

1-         -           العامل الأمني : ، فموريتانيا تملك أطول حدود لها مع مالي (2237 كلم2)، وهي الحدود التي ترتبط بسبع ولايات موريتانية، وقد عانت موريتانيا خلال العقد المنصرم من ويلات الاضطراب في مالي على مساري حركة الإرهاب العنيف الذي طبع بصمات عنيفة على الأمن الموريتاني واستقرار النظام السياسي، وعلى صعيد حركة تهريب المخدرات والبضائع التي حولت موريتانيا إلى معبر للمخدرات.
2-         -           التداخل الاجتماعي الوطيد :لقد ربطت القبيلة باعتبارها إطارا سياسيا واجتماعيا علاقات وطيدة بين سكان موريتانيا وأزواد، حيث يمكن بكل بساطة أن نتوقف عند القبائل الكبرى المشكلة للإقليم المذكور ومن أبرزها

-           قبيلة كنتة : تمثل كنتة : واحدة من أكبر وأعرق القبائل الموريتانية بل والصحراوية بشكل خاص، وتمتد كنتة في عمق موريتانيا من مكطع لحجار جنوبا وحتى وادان وتكانت شمالا، ثم الحوضين شرقا، قبل أن تمتد لاحقا إلى أزواد والنيجر والجزائر والمغرب

-           ولقد ظل لكنتة بأصلائها أو أتباعها ومحيطها العام الذي عرف لاحقا باسم (عرب تلمسي) وجود قوي جدا في مناطق أزواد وخصوصا تمبكتو، واستطاع قادة كنتة وعلماؤها ترسيخ علاقات قوية جدا مع المجموعات الزنجية والطارقية.

-           وتظهر المراسلات بين شيخ كنتة الشيخ سيدي المختار الكنتي وأمراء الطوارق قوة هذا الشيخ وحلفه القبلي ومكانتهم في صناعة السلم ومد النفوذ السياسي والروحي في تلك المنطقة.

-           وإلى جانب كنتة توجد أيضا فيدرالية لبرابيش القوية جدا وتمثل هذه الفيدرالية امتدادا لقبائل حسان التي مثلت لقرون المركزية السياسية والعسكرية في موريتانيا.

نساء من أزوادنساء من أزوادويقيم لبرابيش قديما في منطقة أروان وينتمي إليهم عدد كبير من العلماء والمقاتلين والأمراء الشجعان، وإلى قبيلة لبرابيش ينتمي أغلب قادة ومقاتلي الحركة العربية الإسلامية لتحرير أزواد، ورئيسها الحالي أحمد ولد سيدي محمد.

عرب تلمسي : وهي مجموعات متعددة من القبائل ترتبط تاريخيا بولاء روحي مع قبيلة كنتة لكن هذا الولاء تعرض لهزات عنيفة خلال العقود الأخيرة بلغت حد الاقتتال بين قبيلة لمهار وقبيلة كنتة وينشط لمهار أساسيا في منطقة غاوة، وينتمي غالبية أفرادهم إلى حركة التوحيد والجهاد المقاتلة كما أسلفنا



وإلى جانب هذه القبائل الكبرى توجد عشرات الأسر والمجموعات القبلية التي تمثل امتدادا لقبائل موريتانية مثل  لكوانين الذي يمثلون امتدادا لقبيلة تاكنانت المنتشرة بكثرة في ولايات الترارزة والحوضين في موريتانيا.

إضافة إلى تكنه، أولاد دْليم رگيبات، تنواجيو، تجكانت (الوسرة، الرماظين، لكواليل )،إدوعلي، ، أهل الطالب مختار، إديبوسات.

ولا يمكن في هذا السياق تجاهل الدور الأساسي الذي مثلته إمارة وقبيلة أولاد امبارك في تلك المنطقة وإن كان نفوذها في الغالب في الجزء السوداني من أزواد أكثر من الجزء الملتهب حاليا

3-         -           الانسجام والتعاطي الثقافي والعلمي بين الحواضر الموريتانية والأزوادية، فيمكن القول إن فتاوى أهل أروان وتمبكتو كانت تمثل رصيدا معرفيا أساسيا بالنسبة للعلماء الموريتانيين، كما يمكن اعتبار الشيخ سيدي المختار الكنتي وحضرته ومحظرته إرثا أزواديا وموريتانيا في آن واحد، ولقد أخذ العالم الموريتاني الكبير الشيخ سيديا الكبير جزء كبيرا معارفه العلمية والروحية لدى شيخه الشيخ سيدي المختار الكنتي كما تقاطعت رؤيته السياسية والإصلاحية كثيرا مع أفكار شيخه سيدي المختار وتقاطعا أكثر في القوة والجراءة على طرح مبادرات الصلح وعلى الحدة تجاه الجماعات والزعامات السياسية السائدة في عصرهما.

لقد أظهر التشابك القوي بين الأرض والإنسان في موريتانيا وأزواد أن تلك المنطقة تمثل أذنا موريتانيا تتلقى ما يدور في موريتانيا وتتفاعل معه تماما كما تتفاعل موريتانيا مع ما يدور في أزواد بشكل دقيق، وعلى سبيل المثال توقفت المقاومة العسكرية في أزواد سنة 1932، فيما توقفت في موريتانيا سنة 1934 وذلك بعد أن استطاعت فرنسا سحق الحضن الأزوادي وحولت تمبكتو إلى سجن للمجاهدين الفارين من نير العدوان في موريتانيا.

مسار التعاطي مع أزواد

أخذ مسار التعاطي بين موريتانيا وأزواد مراحل متعددة، أبرزها

-           مرحلة أسئلة الوحدة والانفصال : حيث ظل عدد من السياسيين الموريتانيين في نهاية الخمسينيات يدفعون إلى اعتبار أزواد والصحراء الغربية جناحي موريتانيا، حسب تعبير الرئيس الموريتاني الأسبق المختار ولد داداه، كما كان أزواد حاضرا في دعوات الوحدة بين موريتانيا ومالي التي طالب بها عدد من السياسيين في موريتانيا مطلع أيام الاستقلال.

وفي ذات السياق ظلت أجزاء كبيرة من موريتانيا مرتبطة بمالي وأزوادها في فترة ما يعرف بأعوام "التمولي" حيث كانت سياسيون من الحوضين يدفعون تجاه الانضمام إلى مالي واقتطاع الحوضين من موريتانيا.

ولقد تراجعت موريتانيا بشكل مريع عن مطالبها التاريخية في أزواد وفقدت عمقها الاستيراتيجي بسرعة عندما وقعت على اتفاق ترسيم الحدود بينها مع مالي ولتقتطع مالي عشرات آلاف الكلمترات من الأراضي التي كان ينبغي أن تكون موريتانية، قبل أن تفقد لاحقا جناحها الثاني الصحراء الغربية، وتنكفي على آلامها وأزماتها الداخلية.

وخلال تلك الفترة ظلت موريتانيا تستقبل بين الحين والآخر بين الأزواديين البيظان وتمنحهم الجنسية والتوظيف

-           فترة الكمون والانكفاء الذاتي

وتمتد هذه الفترة من نهاية حكم الرئيس المختار ولد داداه إلى بداية التسعينيات.

وخلال هذه الفترة انكفأت موريتانيا المأزومة على ذاتها، وحددت الانقلابات والأزمات السياسية سقف الحراك السياسي وحينما كانت السلطة منشغلة بأزمات الانتقال من عهدة عسكري إلى آخر كانت أرض أزواد تشتعل استعدادا لثورة جديدة.

وخلال هذه الفترة ظلت علاقة موريتانيا بحكام مالي جيدة إلى متميزة، وكانت زيارات جزار مالي موسى اتراروي إلى موريتانيا بشكل دائم دليلا على ذلك التواصل.

ولقد تزامن الانتقال الديمقراطي في موريتانيا في سنوات 1991-1992 مع ما يعرف بانتفاضة منينكا سنة 1991 والتي أدت إلى عودة قوية لملف أزواد، لقد دفعت هذه الانتفاضة سلطات الرئيس السابق معاوية ولد الطايع إلى إعادة الاعتبار لقضية أزواد عبر عدة مسارات

1-         دعم التمرد الأزوادي وربط علاقات قوية مع قادة التمرد سواء تعلق الأمر بالمرحوم ابراهيم باهنغا، أو بأياد أغ غالي زعيم قبلية إيفوغاس الذي ربط علاقات قوية جدا مع رجلي الأمن الموريتاني اعل ولد محمد فال ومدير المكتب الثالث حينها الجنرال الحالي محمد ولد الهادي

ولم تغب الحركة العربية الأزوادية القريبة من موريتانيا اجتماعيا وسياسيا عن ثورة ميناكا فقد كان لها دور كبير ومهم في تلك الثورة الماحقة التي انتهت باتفاق سياسي سنة 1991،لكنه سرعان ما انهار من جديد بعد الانقلاب العسكري الذي قاده العقيد آمادو توماني توري على الرئيس موسى اتراوري، ليبدأ عهد سياسي جديد في العلاقات بين موريتانيا وأزواد ومالي

-           تعززت العلاقة بقوة بين موريتانيا ومالي وظل الرئيس المالي ألفا عمر كوناري ضيفا شبه دائم على الرئيس الموريتاني

-           تعززت العلاقات بين موريتانيا والزعامات القبلية والسياسية في مالي إلا أن هذا التعزز لم يتحول إلى مسار استثمار سياسي عميق وذلك بفعل ضعف الأجهزة الأمنية الموريتانية واستغراق الشأن السياسي المحلي لتفكير السلطة القائمة حينها، ينضاف إلى ذلك عامل الكمون الذي طبع المطالب الأزوادية طوال الفترة التي أعقبت اتفاق الجزائر بين الأزواديين وحكومة مالي.

-           وفي المقابل استقبلت موريتانيا آلاف الأزواديين من مختلف التشكلات القومية وخصوصا الطوارق الذين انخرطوا في الأعمال البسيطة في موريتانيا واحتكروا لسنوات طويلة المهن المحتقرة من الموريتانيين ، كما تحدث خصوم النظام الموريتاني في بداية التسعينيات عن تجنيس عدد كبير من الأزواديين، وعن تجنيد بعضهم أيضا في وحدات الجيش والحرس الموريتاني



فترة الاكتشاف والتأثير



يمكن تحديد هذه الفترة ببداية ظهور الجماعات  الإسلامية المسلحة في صحراء مالي مع نهاية عقد التسعينيات، ورغم أن المصالح الأمنية في المنطقة تميل إلى تحميل سنوات الدم والنار في الجزائر المسؤولية عن نشوء وانتشار جماعات العنف في المنطقة، إلا أنها أيضا لا تستبعد أن تكون المصالح الأمنية الجزائرية قد سعت بشكل من الأشكال إلى إبعاد الخطر الإرهابي عن أراضيها ودفعه شيئا ما إلى الصحراء ومنها إلى دول الجوار، ولقد اكتوت دول المنطقة عموما بالإرهاب العابر للصحراء، حيث نالت موريتانيا نصيبها منه بقوة في سنوات 2005-2008، كما نالت المغرب أيضا نصيبا قويا منه في 2002.  أما مالي فقد ظهرت عاجزة عن مواجهة الخطر السلفي الممتد على أراضيها وانتقلت من سياسة المواجهة إلى سياسة التغاضي إن لم يكن التعاطي الإيجابي مع ملف الإرهاب عبر

-           غض الطرف عن حركة الجهاديين في أزواد والاستفادة من صفقات التفاوض وتخليص الخاطفين

-           استدرار الدعم الدولي سعيا إلى الانخراط في الحملة الدولية للحرب على الإرهاب.

أما بالنسبة لموريتانيا فقد كان الموقف الموريتاني من أزواد مرتبطا أساسا بملف الإرهاب ليأخذ هذا الموقف مسارين زمنيين منفصلين

-           مرحلة الضعف : من 2003-2008  تميزت هذه الفترة بأن موريتانيا هي الحلقة الأضعف بين دول المنطقة ولذا تلقت عدة ضربات موجعة في 2005 و2008 و2009 أدت إلى مقتل حوالي 30 عسكريا موريتانيا في عمليات لمغيطي وتورين وتفرغ زينة في نواكشوط

ولقد تميز الموقف حينها على المستوى المحلي ب :

-           الضعف الشديد للأجهزة العسكرية في موريتانيا عن ملاحقة أو مواجهة مقاتلي القاعدة الذين يتخذون من أزواد منطلقا ومنصات لضرباتهم الموجعة.

-           الضعف الاستخباراتي لدرجة عدم التمييز بين مكونات الظاهرة الإسلامية من جهة.

-           التمكين والانتشار المتزايد لأفكار وتنظيمات التطرف في موريتانيا حيث مثلت هذه الفترة (2001-2008) الفترة الذهبية لاكتتاب الشباب الموريتاني في معسكرات التنظيمات السلفية إضافة إلى بناء تنظيمين جهاديين

-           أ- تنظيم الدعوة والجهاد في بلاد شنقيط  وقد كان من أهم أهداف هذا التنظيم

-           ربط الصلة مع أسر المجاهدين الموريتانيين الأفغانيين

السعي لاكتتاب مقاتلين موريتانيين وتسفيرهم إلى مناطق الاشتباك.

ولقد نشأ ضمن هذا التنظيم أو بموازاته جناح مسلح، نفذ عملية ضد أجانب مقيمين في موريتانيا سنة 2001

-          

ب- تنظيم أنصار الله المرابطون : وهو التنظيم الأوسع والأقوى وقد أسسه الخديم ولد السمان وضم أكثر من 60 شخصا، تلقى عدد منهم تكوينا عسكريا نوعيا في مخيمات السلفيين في أزواد ونفذوا عمليات عسكرية في موريتانيا.



أما الملمح الأخير من مسار أزمة الإرهاب في موريتانيا فقد تمثل في استغلال أزمة الإرهاب في استدرار التمويل الغربي وفي تشويه سمعة الخصوم السياسيين وخصوصا تيار الإسلام السياسي في موريتانيا

-          

ورغم خطورة ملف الإرهاب وما يقتضيه من صرامة وإجماع وطني إلا أن هذا الملف تعرض للتوظيف السياسي سواء تعلق الأمر بالنظام الذي سعى لتشويه خصومه السياسيين أو القوى السياسية المعارضة التي لم تفرق بين مصلحة الوطن التي تقتضي مواجهة الإرهاب ومنابعه وتياراته وبين مصلحة النظام في تحصيل الاستقرار الأمني.

مرحلة القوة والفاعلية

-من 2008- إلى الآن :تتميز هذه المرحلة بتركيز النظام السياسي الحاكم في موريتانيا على مؤسسة الجيش وعلى الأمن والاستخبارات وتتظافر لتأسيس هذه المرحلة عدة عوامل

- الوعي المتزايد لدى النظام السياسي بضرورة تعزيز قوة المؤسسة العسكرية وتفعيل دورها في مواجهة الإرهاب

- تزايد الإجماعية حول مواجهة الإرهاب وذلك بسبب البصمات الدامية التي تركتها أحداث العنف على موريتانيا

- التوظيف الدولي  : حيث أعادت القوى الدولية الأساسية (فرنسا، الولايات المتحدة) الاعتبار إلى الدور الموريتاني في المنطقة باعتبارها الحلقة المحورية في السلم والحرب في المنطقة.



وقد أخذت الاستيراتيجية الأمنية الموريتانية في تلك الفترة الأبعاد التالية :

-  الترسانة القانونية الكبيرة جدا، ووجود قضاء مختص في مكافحة الإرهاب، سواء تعلق الأمر بوسائله أو قضاته المكونين بشكل قوي في علم الجريمة ومكافحة الإرهاب.

-  القوة الأمنية والتسليح الجيد، وبموجبه اعتمد الجيش الموريتاني نفس أساليب القاعدة في التدريب والتخطيط، واستخدم نفس الوسائل، حيث يواجه القاعدة العابرة للصحراء، بوحدات عسكرية متنقلة أدت إلى :

-  جاهزية الجنود الذي يعتمدون على قواعد متحركة وجاهزة

-      التدريب القوي والمحكم للعناصر الأمنية والاستخباراتية.

-       فرض علاوات معتبرة للجنود والضباط المنتمين إلى وحدات مكافحة الإرهاب

-  الصرامة الشديدة في مواجهة الإرهاب، وتنفيذ عمليات اعتقال وتعذيب وربما قتل عن طريق الخطأ مما أثار الرعب في صفوف الشباب السلفي.



- الانخراط القوي في الاستيراتيجية الفرنسية والأمريكية في منطقة الساحل والتحالف القوي جدا بين موريتانيا والجزائر في مجال مكافحة الإرهاب.



- الهجوم القبلي والمسبق على معاقل القاعدة،في شمال مالي وكذا التورط بشكل واضح في الإطاحة بنظام الرئيس المالي السابق آمادو توماني توري المغضوب عليه فرنسيا وجزائريا، بسبب تساهله في التعامل مع ملف الإرهاب.

- كانت الحرب بين الطرفين سجالا ورغم الادعاء الدائم للنظام الموريتاني بالسيطرة على معاقل القاعدة إلا أنها ظلت في المقابل توجه ضربات موجعة للموريتانيين سواء على مستوى العمليات النوعية أو اختراق الأراضي والمناطق.



غير أن هذا المسار لم يستمر أيضا لفترة طويلة وذلك بسبب

- تغير خريطة القوة في المنطقة والاشتباك بين الإرهاب والمطالب الوطنية.

- كان لعمليات الخطف التي شنتها القاعدة ضد غربيين في مناطق الساحل دور أساسي في إضعاف البعد العسكري، حيث وجدت الدول الكبرى وخصوصا فرنسا نفسها ملزمة على التفاوض مع القاعدة بل وتمويل أنشطتها عبر الفديات الضخمة وهو ما حد من اندفاع النظام الموريتاني في الحرب على القاعدة

ولعل هذا العامل كان دافعا أساسيا لإضافة بعد فكري جديد للتعامل مع ملف الإرهاب في المنطقة

البعد الفكري : عبر الحوار مع الشباب المعتقل في السجن وقد أدى هذا الحوار إلى نتائج إيجابية وهي الإفراج عن 45 شابا سلفيا، ويمثل هذا الرقم حوالي 40% من كل الذين سبق أن اعتقلوا في ملف الإرهاب منذ 2005 إلى اليوم.

ويمكن الجزم أن الحوار كان إيجابيا ولم يتراجع عن التهدئة من المجموعة المذكورة إلا شخصان لا أكثر.

آفاق الرؤية السياسية الموريتانية تجاه أزواد

ويمكن القول إن الرؤية السياسية الموريتانية الحالية تميل إلى السعي لتحقيق مستوى من الاستقرار والحكم الذاتي في إقليم أزواد، معتبرة أن ذلك سيمكنها من حماية حدوده ومن استثمار الأبعاد السياسية والاجتماعية السابقة.

ورغم أن سياسيين موريتانيين طرحوا لأكثر من مرة ضرورة أن تمتد سيطرة الجيش الموريتاني إلى تمبكتو  وأجزاء كبيرة من إقليم أزواد باعتبارها أرضا موريتانية أو أرضا يسكنها موريتانيون إلا أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز عارض هذا الطرح اعتمادا على أبعادا أساسية أبرزها



-           الخوف من ردة فعل الجيش الموريتاني : ذلك أن الجيش الموريتاني تعود منذ نشأته على الانقضاض على رأس نظامه السياسي في نهاية كل حرب يخوضها خارج حدوده، خصوصا أن الحرب في مالي ليست نزهة وتتعلق بالصراع مع أشباح وجماعات بالغة الشراسة.

-           ضعف الإمداد الفرنسي : طالما شكا الرئيس محمد ولد عبد العزيز مما يعتبره البخل الفرنسي الشديد  تجاه الحرب على الإرهاب بالتوازي مع كثرة مطالب الفرنسيين المتعلقة بالمشاركة العسكرية والإمداد الاستخباراتي.

-           غياب الغطاء الشعبي المحلي : ينضاف إلى هذين العاملين عامل آخر بالغ الأهمية وهو غياب الغطاء الشعبي للتدخل الموريتاني في مالي، واحتلال أجزاء من أزواد، حيث جعلت المعارضة الموريتانية من قضية أزواد عامل ضغط سياسي قوي على النظام الموريتاني واتهمته بالحرب بالنيابة عن الفرنسيين كما استطاعت عبر أنشطتها وبياناتها تجييش الرأي العام الموريتاني ضد أي مشاركة موريتانية في الحرب على مالي.

ورغم أن رفض التدخل العسكري في مالي لم يكن موقف إجماع بين النخبة السياسية في موريتانيا حيث ترحب به النخبة الزنجية والفرنكفونيون الموريتانيون، ويعارضه الإسلاميون ومجموعات من القوى السياسية المعارضة للنظام،إلا أن هنالك شبه إجماع على ضرورة أن لايتدخل الجيش الموريتاني بشكل خاص في تلك الحرب مع استثناءات قليلة.

-           إمكانية تدويل القضايا العرقية في موريتانيا : ويبقى هنالك عامل آخر بالغ الأهمية وهو أن موريتانيا التي تواجه أزمات عرقية قوية جدا، وتعيش مطالب انفصالية تنشط بين الحين والآخر في منطقة الجنوب وضفة نهر السنغال ليس من مصلحتها المجازفة بالتدخل العسكري في أراضي دولة أخرى (مستقلة نظريا) بدافع حماية الأقليات العرقية، وهو أمر قد يدفع السنغال مثلا إلى ممارسة ذات السلوك لحماية عمقها الاستيراتيجي في موريتانيا المتمثل في سكان الضفة الذين يعيش أغلبهم في موريتانيا ويمنحون ولاءهم السياسي والروحي إما للاستقلال التام عن موريتانيا أو الانجذاب الأكثر نحو السنغال.

وباجتماع هذه العوامل كلها، يبقى دور موريتانيا – رغم أهميته- محفوفا بكثير من المطبات التي تجعل موريتانيا تعمل على ثلاث مسارات أساسية



-           ضبط الحدود : بشكل دقيق وقوي جدا يمنع حركة الإرهاب وحركة تهريب المخدرات والسلع الرائجة جدا في تلك المنطقة، وقد نجحت موريتانيا إلى حد كبير جدا في تحقيق هذه الهدف وضبط هذا المسار



-           إعادة ترتيب العلاقة مع القبائل العربية : بشكل خاص التي تمثل عمقا موريتانيا بالغ الأهمية وتظهر حادثة لمزرب أن العامل السياسي الاستيراتيجي طغى على العامل القانوني والإجرائي حيث أفرجت موريتانيا عن أكثر من 20 شخصا من عرب أزواد بعد اعتقالهم ومصادرة شحنة من المخدرات كانت بحوزتهم بلغت قيمتها أكثر من 3 مليار أوقية.

وقد كان المعتقلون صريحين جدا في مخاطبة السلطات الموريتانية بأن "اعتقالنا وإهانتنا قد يدفع إلى توتير العلاقة بين القبائل البيظانية في المنطقة وبين موريتانيا"وفي المقابل عرضت الموقوفون التعاون الأمني والسياسي مع موريتانيا.

لقد التقط الطرف الموريتاني هذا العرض بقوة، وبدلا من إيقاع عقوبة التهريب والاتجار بالمخدرات على الموقوفين المذكورين، أفرج عنهم ومنحوا ملابس زاهية ومعونات مالية وتم نقلهم في باصات خاصة في احتفاء غير مسبوق.

ولقد استطاعت الاستخبارات الموريتانية توطيد علاقاتها مع القبائل العربية بشكل خاص في المنطقة إلى أقصى الحدود، حيث يمكن اعتبار الحركة العربية لتحرير أزواد  الآن أًصبعا طيعة لموريتانيا في المنطقة.

وفي ذات الصدد تتعاطى موريتانيا بشكل كبير مع الحركة الوطنية لتحرير أزواد التي تضم عددا كبيرا من النخبة اليسارية والفرنكفونية والقوميين الأزواديين، وقد استضافت موريتانيا قادة هذه الحركة مرات عديدة، كما استضافت اللاجئين المحسوبين عليها في مخيم امبرة وذلك بعد أن سلموا أسلحتهم للجيش الموريتاني.

-           السعي لحكم ذاتي في أزواد : يمكن الجزم بأن المسار الثالث الذي يؤطر الرؤية الموريتانية في التعامل مع أزواد هو السعي لإقامة وطن قومي للأزواديين، والحصول على حكم ذاتي وذلك نتيجة عاملين هما

-           استحالة قبول الأزواديين بسيطرة مالي

-           عجز مالي التام والنهائي عن فرض أي سيطرة على الأراضي الأزوادية.

ويمكن القول إن مؤشرات أخرى تدل على أن هذا الموقف قد ينال مستوى من القبول لدى السلطات الفرنسية

التفريغ الدولي لملف الإرهاب : وإلى جانب تلك العوامل الدولية يمكن القول أيضا إن القوى الدولية الكبرى (فرنسا،الولايات المتحدة) قد فرغت النظام الموريتاني للقيام بأدوار رئيسية في ملف مكافحة الإرهاب في المنطقة، وفي المقابل تقدم واشنطن وباريس أشكالا متعددة من الدعم والاحتضان للنظام الموريتاني ليكون بديلا عن الغرور الجزائري والضعف المالي، ويأخذ هذا الدعم أبعادا سياسية متعددة منها الداخلي والخارجي وأبعادا أمنية واستخباراتية بالغة اﻷهمية.




جميع الحقوق محفوظة لمدونة الرأي الأزوادي2014