الأربعاء، 9 يوليو 2014

جدل حاد في مالي بسبب «وثيقة سرية» تتحدث عن انفصال أزواد



نواكشوط: الشيخ محمد
أثارت وثيقة وُصفت بـ«السرية» جدلا كبيرا في العاصمة المالية باماكو، لأنها تقدم تصورا للحركات الانفصالية لإنهاء الأزمة في شمال البلاد، وذلك من خلال منح «حكم ذاتي موسع» لإقليم أزواد، وسربت الوثيقة، أمس، من طرف صحيفة محلية، أشارت إلى أن الحكومة المالية تلقت نسخة منها منذ أسابيع، وهي بصدد النظر في المقترحات التي تضمنتها.وقالت صحيفة «لانديباندان» المالية، التي نشرت مقتطفات من الوثيقة في عددها الصادر أمس، إن الوثيقة أعدت منذ أشهر من طرف بعض «الشركاء» الساعين إلى حل الأزمة بالتعاون مع الحركة العربية الأزوادية، والائتلاف من أجل الشعب الأزوادي، وهما حركتان ترفعان مطالب انفصالية، وتتهمان من طرف بقية الانفصاليين بالقرب من الحكومة في باماكو.
وأضافت الصحيفة أن نسخة من الوثيقة وصلت إلى الحكومة المالية منذ أسابيع، وهي الآن تتداول في أروقة السلطة بشكل سري، قبل أن تكون موضوع أي حوار مقبل ما بين الحكومة والحركات الانفصالية.
وفي سياق حديثها عن محتوى الوثيقة، قالت الصحيفة المالية إنها ركزت على «الإجراءات ذات الأولوية المقترحة» لحل الأزمة، بالإضافة إلى آلية المفاوضات ومحاورها، مؤكدة أن الوثيقة اعتمدت بشكل كبير على وثيقة أخرى، سبق أن أصدرها فرع الحركة الوطنية لتحرير أزواد في فرنسا، منتصف يونيو (حزيران) الماضي، وهي الوثيقة التي حملت عنوان «مشروع مؤسساتي من أجل أزواد».
وجرى تقديم الوثيقة خلال الجلسات التمهيدية للحوار، التي انعقدت الأيام الماضية في الجزائر، من أجل التوصل إلى حل للأزمة في شمال مالي، وهي تقدم تصورا لحل الأزمة من منظور الحركات الانفصالية، حيث تمنح إقليم أزواد «إدارة مستقلة، وبرلمانا جهويا موحدا، يكون بمثابة برلمان أزوادي يهدف إلى تقديم مقترحات قوانين في جميع المجالات إلى البرلمان الوطني، وجهازا قضائيا خاصا بإقليم أزواد، بالإضافة إلى صلاحيات توقيع اتفاقيات إقليمية ودولية لاستغلال موارد المياه والمعادن في الإقليم»، وهي نقاط يرى فيها الماليون مساسا بسيادة دولتهم.
وأبدت الصحيفة مخاوفها من ظهور داعمين لفكرة انقسام دولة مالي، من خلال ما أصبح البعض يسميه «الدولة المركزية»، في ظل وجود دولتين إحداهما في الشمال والأخرى في الجنوب.
وفي هذا السياق تقول الوثيقة: «أزواد يحكم نفسه من خلال جهاز سياسي محكوم بدستور»، قبل أن تضيف «تسيير الدولة المركزية يجب أن يجري بشكل دوري، مع الأخذ في الاعتبار الكيانين؛ الجنوب والشمال (أزواد)».
وتحدد الوثيقة تصورها لرئاسة الجمهورية بالقول إن «رئيس الدولة منصب دوري، وعندما يكون منحدرا من أحد الكيانين، يجب أن يكون متبوعا بنائب رئيس من الكيان الآخر، والشيء نفسه بالنسبة لوزير الدفاع والقائد العام لأركان الجيوش. أما الطائرات والأسلحة الثقيلة فهي تحت سيطرة الدولة المركزية».
إلا أن الوثيقة المثيرة للجدل لا تتوقف عند هذا الحد، حيث تقول في سياق حديثها عن السياسة الخارجية: «يمكن لإقليم أزواد التفاوض بخصوص اتفاقيات مع الدول المجاورة أو الهيئات الإقليمية، كما يمكن للإقليم أن يتوصل إلى اتفاقيات مع السلطات المحلية والأجنبية»، قبل أن تشير إلى أنه بإمكان إقليم أزواد أن «يشارك في المفاوضات بشأن المعاهدات والاتفاقيات الدولية، واتفاقيات التعاون القضائي والجمركي، كما يحق للإقليم أن يمثل في الهيئات الإقليمية وهيئات الاتحاد الأفريقي».
وفي ظل الحضور القوي للتحدي الاقتصادي أمام مشروع الحكم الذاتي في إقليم أزواد، أشارت الوثيقة إلى أن الحركات المسلحة تتطلع لاستغلال «الموارد الطبيعية البيولوجية وغير البيولوجية لمنطقة حوض تاودني ومناطق أخرى»، وذلك في إشارة واضحة إلى توقعات بوجود مخزون هائل من اليورانيوم والغاز والنفط، في المنطقة، وهي الثروات التي منع تعذر الاستقرار الحكومات المالية من استغلالها.
في غضون ذلك، أبدى الماليون قلقهم من اعتماد الوثيقة في المفاوضات المقبلة، وعدوها ضربة قوية لسيادة دولتهم. وفي هذا السياق، قال الصحافي المالي مختار ماريكو في اتصال مع «الشرق الأوسط» إن «الوثيقة تشكل تطورا في المطالب والخطاب الذي يرفعه الانفصاليون، وهي مطالب، إن تحقق بعضها، فلا شك ستكون خسارة قوية للحكومة المالية لأنها ستكون قد فرطت في الشمال».
ويضيف ماريكو: «الماليون قلقون من أن بعض الحركات الانفصالية التي تدعم المطالب التي قدمتها الوثيقة، تحظى بآذان صاغية من بعض الشركاء الدوليين لمالي، وخاصة فرنسا»، وذلك في إشارة إلى الحركة الوطنية لتحرير أزواد التي تدعو لإقامة دولة في أزواد، ذات طابع علماني مدني.
من جهة أخرى، أكد عبد الرحمن عمر القيادي في الحركة الوطنية لتحرير أزواد، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أن التصور الذي قدمته الوثيقة «غير جديد، فتلك هي مطالبنا منذ سنوات، بل منذ عقود، وسوف نرغم الحكومة المالية على القبول بها».
وأضاف أن «السؤال الذي يطرح نفسه اليوم هو ما موقف حكومة مالي وحلفائها من المطالب؟»، مشيرا إلى أن «تسريب الوثيقة وربطها بواحدة من الحركات لا يعدو كونه محاولة لإعطاء أهمية كاذبة لتلك الحركة، وإلغاء الدور الذي لعبته باقي الحركات».

"الشرق الازسط"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لمدونة الرأي الأزوادي2014