الخميس، 17 أبريل 2014

عبد الحكيم بلحاج: الحوار الليبي - الليبي يمكنه استلهام تَوَافق الفرقاء بتونس

الرأي الازوادي - صحيفة فبراير الليبية

التقيت عديد المرات بـ «الشيخ» عبد الحكيم بلحاج منها ما كان في مناسبات عامة ومنها ما كان لإجراء لقاء صحفي لوكالة أنباء «رويترز» عندما كنت مراسلا لها في ليبيا وفي كل مرة يجدد لي هذا الشيخ» المتدين «وأحد قادة تنظيم الليبية المقاتلة، ذلك التنظيم الذي كانت له صولات في معارضة النظام السابق، إلى درجة حمل السلاح .. وإلقاء قنبلة على معمر القذافي في منطقة الشاطيء بالجنوب الليبي. في كل مرة يجدد لي أنه من أنصار الدولة المدنية . وبرهن على ذلك ، عندما أجريت والزميل «كريستيان لو» المدير الأقليمي لوكالة رويترز بشمال أفريقيا .. لقاء معه، وكان يرتدي بدلة مدنية، وسألناه عن سرّ استبدال البزة العسكرية بهندام مدني قائلا : ((لقد آن زمن الاندماج المدني بعد انتصار الثورة عسكرياً وأسقطت النظام الاستبدادي)) . وفي هذه المرة التقيت به على خلفية ما أعلنه قبل نحو أسبوع عن الاستعداد لامتشاق السلاح مجدداً للدفاع عن الثورة وحمايتها من الأعداء المتربصين بها. وهل هذا الإعلان مؤشر على العودة إلى (العسكرة) بعد استقالته من رئاسة المجلس العسكري طرابلس وتكوين حزب ((الوطن)) الذي شارك في أول انتخابات لعضوية المؤتمر الوطني العام 7/7/2.12 وما هي الدواعي ؟، هل للتأكد من أن الثورة تمر بخطر ؟ أم هو رسالة رد على انقلاب حفتر « التلفزيوني ؟ أم هناك أسباب أخرى ؟ .

((  فأجاب بقوله)) : لم يأت هذا البيان «التصريح «بناء على مناسبة معينة .. وإنما كان في سياق حديث مطول مع واحدة من وكالات الأنباء، وضمن سؤال عن دور الثوار، وعن المرحلة واستحقاقاتها .. والأخطار والمخاطر التي تواجه الوطن والثورة وأهدافهاحيث قلت إنه إذا دعت الحاجة أن يرفع الليبيون السلاح للدفاع عن وطنهم فسوف يجدنا الوطن ..جاهزين، وسوف نحمل السلاح دفاعاً عن الوطن والمحافظة على مكتسبات واهداف ومبادىء ثورة ١٧ فبراير ما يؤكد أن الإجابة لم تكن ردة فعل تجاه حراك سياسي معين، أو مساندة لجهة معينة أو موقف من طرف معين، وإنما جاء بصورة عامة وفي سياق واجب المواطن تجاه وطنه وإزاء أي خطر قد تتعرض له الثورة .

قلت : انطلاقاً من هذا النقطة .. ألا ترى أن الوطن الآن يمر بمنعطفات خطيرة وما يلوح من خطر التقسيم والفيدرالية وطوارق وتبو .. وبروز مايشبه الطائفية ؟.. * اعتدل في جلسته بعد انصات بإهتمام ثم قال : (( طبعاً إذا أردنا الحديث عن التحديات التي تواجه الوطن فهي متعددة في مقدمتها التحدي الأمني .. نحن نشهد الآن نزيف دماء في بنغازي، وبعض الجهات لا وجود بها لشكل الدولة ولا مضمون الدولة .. ولا سلطة للدولة . فجنوب مستباح . وحدود منتهكة .. وسواحل دونما أي رقيب وصلت الاستهانة إلى حد التعدي على قوت، وثروة الليبيين المتمثلة في «النفط ..» كل هذه التداعيات تشير إلى أن الوطن في أمسّ الحاجة لحارس يحرسه .

وأضاف : (أذا أردنا الحديث عن الجهة المكلفة والمنوط بها تحقيق هذا الهدف بلا شك تتوجه الإشارة إلى الجهة التنفيذية «الحكومة» .. فمثلاً ومع كل الأسف مرّ على وزارة الداخلية (في ظرف ثلاث سنوات (سبعة وزراء لم نلحظ أي رسم لبداية خريطة أمنية للبلاد ، فاقد الشيء لايعطيه .. فكيف نطلب من مثل هؤلاء أن يحمي الحدود .. وأن يوصّل العملية الأمنية في مصارفنا، وفي حقولنا ،وفي موانينا، وإلى أشخاصنا . الاغتيالات تطال الأبرياء، والمواجهات المسلحة لأشخاص أبرياء .. وتنامي الصراعات في كثير من البؤر المتوترة. أما الحراك السياسي فنحن لسنا ضد أن يطالب الليبيون بنظام فيدرالي، أو أي شكل من أشكال النظام السياسي في الحكم.. ولكن يجب أن نتفق على أنه لا سبيل للمطالبة إلا بصورة سلمية وبصورة هادئة ، في صورة استفتاء للناس، أو قبل أن يكون هناك استفتاءينبغي ان تطرح الأفكار على الناس ليتشبّعوا بها فيفهموها بعد أن تجد من يحسن طرحها وعرضها على الناس .. ومن تم يأتي الدستور ليعزز هذا المطلب وعندما يصدر الدستور سوف يكون هو العقد الجامع وهو العقد الاجتماعي الذي يُسير البلاد والعباد)) .

أما عن الموقف من الأحداث الجارية فقال : ((نحن نتأسف لغياب من يرعي شؤون ليبيا قبل أن يرعى شؤون الليبيين حيث الثورة مهدرة .. عشرات المليارات من الدولارات لا ندري كيف أنفقت وفيما صرفت .. خروقات وعقود ، مليشيات مسلحة .. منظومة متهالكة .. هذه كلها لا شك تحتاج إلى من يتحلى بالحرص على المصلحة العامة ويكون قلبه على الوطن . ونحن نأمل أن تتوج مدة إنتهاء ولاية المؤتمر بانتخاب برلمان يشرف على وضع التشريعات المناسبة.. وكذلك تأليف (حكومة وطنية قوية) تمسك بزمام الأمر في المحافظة على حقوق الوطن والمواطن)).

قلت : هل تعتقد أن ما جرى في درنة يدخل في هذا السياق المتردي للأوضاع ؟ دولة مدنية فأجاب بقوله : ((لا شك أن ما سمعنا بوقوعه في درنة هو تعزيز لما ذكرته آنفاً ، أن تخرج بعض التنظيمات في صورة لا حاجة لنا بها لأننا نحن ننشد أمناً وطنياً وننشد جيشاً يحمي الحدود وأمناً يحمي المواطن والمؤسسات. لا حاجة لنا لمثل هذه التنظيمات التي من غير المعروف ما هو الغرض..منها ولا ما هو السبب, الدافع لإيجادها وتكوينها. نحن نريد أن نقيم دولة مدنية تحافظ على حقوق المواطن وترعى هذه الحقوق، وتنشر العدل والمساواة بين جميع الليبيين.. ولا فرق بين عربي وأمازيغي .. أو تباوي وتارقي في هذا الوطن . وكل من يحمل السلاح نريد أن يكون تحت شرعية وسلطة الدولة.

قلت الآن رئيس الحكومة قدم اعتذاراً عن تشكيل حكومة بعدما تعرض له من اعتداء هذا يعني أن ليبيا تدخل في أزمة حكومة فما قولك؟ فأجاب عبدالحكيم بالحاج بقوله: - هذا الأمر كان متوقعاً قبل أن يحدث وللأسف فما شهدناه من خصومة تحت قبة المؤتمر الوطني العام هي التي قادت إلى هذا الوضع المتعنت، وإلى هذا الاصطفاف الحاد بين مكونات المؤتمر مما دفع لعرقلة الحكومة .. ربما هذا ما اصطدم به السيد عبدالله الثني .. وربما ما أثير إلى أنه تعرض لتهديد أو كلا الأمرين سواء أكان سياسي وله علاقة بما يجري تحت قبة المؤتمر الوطني العام أو هو بسبب أمنى .. أو شخصي، أو بسبب ما تعرض له من استفزاز أو من ضغوطات وفي كل الأحوال انه لأمر مؤسف .. ونحن نأمل أن تجتمع مكونات المؤتمر الوطني على الصالح العام ، لأننا في أمس الحاجة في هذه المرحلة الحساسة التي يترقب فيها الليبيون الدخول إلى مرحلة انتخابات برلمانية قادمة .. لإيجاد برلمان منتخب نريد منه مكوناً جديدا وعلى كافة الفرقاء داخل المؤتمر الوطني العام ألآن أن يتفقوا على إدارة هذه المدة المتبقية من عمر المؤتمر للخروج من النفق المظلم إلى نور يفسح المجال أمام الليبيين لإعادة بناء وطنهم.

نقطة أخيرة قلت : هناك دعوة تونسية لإقامة حوار ليبي / ليبي فما هو رأيكم في هذه الدعوة؟ وهل تعتقد أن الفرقاء الليبيين يمكن أن يقدروا الشيخ الغنوشي في توسطه أكثر من تقديرهم لبعضهم البعض؟ -فأجاب بالقول : ((بلغنا أن الدعوة يقودها الاستاذ راشد الغنوشي والرئيس المنصف المرزوقي .. وهي فرصة لاستلهام تجربة تونس بحيث كما نجحت تونس في إطلاق شعلة الثورة لتمتد يجب أن يتم استلهام التوافق الذي حصل في تونس .. حيث استطاع الفرقاء أن يتوافقوا على إدارة شأنهم وشأن بلادهم .. ونحن نريد أن ينعكس علينا لأنّه لا مجال لحل اشكالياتنا إلا التوافق الذي يجب أن يسود كافة المكونات السياسية داخل ليبيا. أما عن الحوار فلا شك أنه يحتاج إلى آليات معينة, يحتاج إلى أطراف مشاركة وإلى توقيت مناسب, يحتاج إلى تهيئة مناخ ملائم له)) مضيفا ((وأرى أنه لابد من إعداد داخلي ليبي/ ليبي متمثلاً في حوار وطني ناجح يخلص من بعد ذلك إلى إطلاق مصالحة وطنية ونحن دعينا لحضور اللقاء.. ونحن نترقب الأوراق المطروحة والمنافسات التي ستدور يوم 20 ابريل الجاري .. وننتظر النتائج التي نأمل أن تكون مثمرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لمدونة الرأي الأزوادي2014