الجمعة، 7 مارس 2014

الساعدي القذافي يواجه إتهامات بصفع الوزراء وهدم أكبر الأندية وقتل أمهر اللاعبين والتغرير بالسلفيين

الرأي الازوادي- القدس العربي 


الساعدي معمر القذافي الابن الثالث بين أبناء القذافي السبعة ذو الثمانية والثلاثين عاما، يقال أنه تزوج مرة أخرى بعد مقتل أبيه بيومين. هو الأكثر شغباً وفوضوية وإيذاء والشخصية الأكثر تقلباً وتعقيدا.من كان يصفع الوزراء في عهد أبيه بالكف ويرتعدون من مقابلته.
كانت تصرفاته وسلوكياته الغريبة في العشرين عاما الأخيرة، مثار جدل وتندر، ومبعثا للنكات في كثير من الأحيان لدى معظم الليبيين وخاصة شريحة الشباب، بعد أن اقتحم مجال الرياضة ولعب مع أحد أندية طرابلس الكبيرة، فتدخل في نتائج المبارايات وهدد الحكام وقام بتخويفهم ولكي يبسط قبضته على رياضة كرة القدم ترأس الاتحاد الليبي لكرة القدم ناله أيضا ما نال أباه من ألقاب التفخيم فهو ‘مهندس الكرة الليبية’، تردد اسمه في بعض القضايا ذات الانحراف الأخلاقي.
تمرد عليه جمهور النادي الأهلي ببنغازي في أول مجاهرة بالسب والقذف لأحد أبناء القذافي كان ذلك عقب مباراة نهائية للموسم 1999-2000 احتضنتها بنغازي وجمعت فريقي المحلة والأهلي طرابلس الذي كان بين صفوفه لاعب في ذلك الوقت هو الساعدي القذافي. قام الجمهور بإلقاء الحجارة والتعرض بالسب والشتم له، وتمثيل أحد الحيوانات بلبسه الغلالة رقم 10 التى كان’الساعدي’يرتديها آنذاك. استشاط الساعدي وجن جنونه وأعلن بعدها مباشرة حرمان فريق الأهلي بنغازي من ممارسة نشاطه الرياضي ابتداءً من عام 2000م. إضافة إلى تقديم عدد كبير من الشبان الذين تم القبض عليهم بعد المباراة وصدور أحكام مشددة تجاههم وصلت حد الإعدام ضد بعضهم.
وبعد محاولات مستميتة من بعض الشخصيات في بنغازي لتفادي تنفيذ هذه الأحكام القاسية كان الخيار القاسي الآخر، وهو هدم النادي العريق ذي الخمسين عاما، حتى يعفو الساعدي وأبوه عن الشباب فكانت الجريمة الرياضية غير المسبوقة في 01/09/2000 وهو يوم حزين في تاريخ الكرة في مدينة بنغازي، بل في المدن الليبية كافة. في هذا اليوم تحرك أتباع النظام من اللجان الثورية وبعض القيادات الاجتماعية الموالية للنظام في المدينة وتقدمت الجرافات وكان يقود بعضها رموز من اللجان الثورية بمدينة بنغازي قاموا بهدم النادي بكامل محتوياته حتى الكؤوس التي تحصل عليها النادي عبر تاريخه (نصف قرن) دكتها أسنة الجرافات، وما سلم منها وقع بين أيدي اللصوص حيث باعوها بأثمان بخسة في الأسواق المفتوحة.
ومن الذكريات المؤسفة أيضا ًالتي يتذكرها بأسى الجمهور الرياضي في ليبيا، الأحداث الأليمة الدامية التي أعقبت مباراة بين الأهلي ‘طرابلس′ والاتحاد التي تعد قمة الكرة الليبية. نجح الأهلي في التغلب على فريق الساعدي وبدأ جمهور الأهلي في الاحتفال بالفوز،’فما كان من الساعدي إلا أن طلب من قوات الأمن الخاصة أن تصوب الرصاص إلى جمهور الأهلي ما أودى بحياة عدد من الجمهور وتسبب بإصابة كثيرين. كما رددت بعض الأوساط سراً في ذلك الوقت أخباراً مفادها أن الساعدي كان وراء تصفية نجم كرة القدم بشير الرياني بعد تعذيبه’والتنكيل به، إثرما نسب إليه من تصريح بأن الساعدي لا يملك موهبة لاعب الكرة.
بعد أن تفاقمت الممارسات الفوضوية للساعدي القذافي واحتكاكه المباشر مع شريحة مهمة من الشعب الليبي وهم الشباب الذين تجرأوا عليه وعلى أفراد أسرة القذافي علانية، توجه بأموال الليبيين إلى إيطاليا واشترى أسهماً في أحد أنديتها الكبرى بل ووقع عقدا دفع هو ثمنه من خزينة الشعب الليبي ليتحصل وفق استبيان رياضي على لقب أفشل لاعب في ذلك الموسم.
اختفى الساعدي عن الأنظار فترة ليعود إلى المشهد من جديد كقائد عسكري برتية عقيد ثم رتبة لواء ليزاحم اللواء عبد الفتاح يونس في قيادة القوات الخاصة التي أسسها مطلع السبعينيات، ويشكل كتيبة خاصة به تسمى كتيبة الساعدي أو الكتيبة 48 وهي من الكتائب التي شاركت في الحرب التي شهدتها ليبيا بعد ثورة 17 شباط / فبراير 2011.
في يوم 19 شباط / فبراير 2011 توجه الساعدي القذافي مبعوثاً من أبيه للمتظاهرين في مدينة بنغازي بعد أن أقنعه بمقدرته على إنهاء الأحداث التي شهدتها المدينة منذ ليلة 13 شباط . ووجّه الساعدي كلمة إلى أهالي مدينة بنغازي عبر راديو المدينة، وعدهم فيها بتنفيذ كافة مطالبهم وبأن تصبح بنغازي أجمل مدينة في العالم وتوفر لها كل الميزانيات، قائلا: لقد أتيت بكل حاجياتي معي وسوف أقيم معكم كي نبني بنغازي العصرية. هذه الكلمات لم تجد أذاناً صاغيا فحسب بل وجدت ردود الفعل الرافضة والشاجبة وأكداساً من الشتائم والاتهامات مما لا يمكن ذكره في هذا التقرير. أدرك الساعدي فشل مهمته بل علم أن حياته في خطر، فتم تهريبه إلى المطار تحت حراسة مشددة وغادر إلى طرابلس بأعجوبة.
في مرحلة من مراحل حياة الساعدي غريب الأطوار وبعد سنوات من المروق والمجون ظهر في ثوب السلفيين وتبنى الدعوة السلفية وبدعم منه جاهر أتباع هذه الحركة بالظهور والتجمع في المساجد وأطلقوا لحاهم علانية ولم يخشوا من الأجهزة الأمنية، بعد أن كانت هذه المظاهر تؤدي إلى السجن بل ربما القتل. استغل الساعدي علاقته بهؤلاء الشبان في أحداث الثورة فكان توجههم في موقفهم الرافض للتظاهرات، والخروج على ولي الأمر وقالوا القولة الشهيرة التي يأخذها عليهم الليبيون حتى هذا اليوم ‘الزم بيتك’.
وقد حاول الساعدي أن يتلبس لبوس التدين وأن يتحصل لأبيه على دعم ديني من أحد رموز الفتوى في السعودية، فقد كشف الشيخ عائض القرني عن تلقيه اتصالاً هاتفياً من الساعدي القذافي من ليبيا حين اشتعلت التظاهرات المطالبة بإسقاط الحكم طالباً منه إدانة التظاهرات والاحتجاجات.
وقال الشيخ القرني إن الساعدي قال له في المكالمة ‘إنكم يا شيخ زرتم ليبيا العام الماضي، نريد منكم كلمة عن الأحداث.’
فرد عليه القرني ‘وجدتُ من كلامه الظاهر أنه يريد مني إدانة التظاهرات والاحتجاجات على منهج والده؛ فقلت للساعدي بالحرف الواحد: اتقوا الله في دماء الليبيين.. ارفعوا السلاح عن الشعب الليبي المسلم.. أنتم قتلتم الآمنين.. ارفعوا المظالم عن الشعب الليبي’.
هذه بعض من ملامح سيرة أحد أبناء القذافي وأحد مظاهر الحكم غير السوية التي نخرت فيه، وضاعفت استياء الناس وغضبهم من حكمه ثم ثورتهم عليه. سيرة عبثية تلعب تارة بالمال وتارة بالسلاح وتارة أخرى بالدين. ليحط بها المآل بعد ذلك طريدا في أفقر بلاد الدنيا وأكثرها شظفا بعد سنين عددا من العيش الرغيد في المنتجعات وعلى ظهر اليخوت الباذخة حيث تمارس كل أنواع الموبقات.
بعد ثلاث سنوات من فراره إلى النيجر في ايلول/ سبتمبر 2011م، وبعد أن منحته النيجر حق اللجوء السياسي لأسباب إنسانية تقرر الدولة نفسها تسليمه للسلطات الليبية بعد أن بحسب ما ذكرته المصادر الحكومية النيجرية، لم يلتزم بقواعد اللجوء وقام بأعمال تضر بالدولة الليبية. والجدير بالذكر أنه منذ أسابيع قليلة قامت النيجر بتسليم رمز آخر من رموز نظام القذافي ومدير مخابراته رفيق الساعدي في النيجر عقيد عبد الله منصور.
ويرى مراقبون أن تورط الساعدي ومنصور ثبت بدلائل قوية لدى الدولة الليبية في الأحداث الدامية التي شهدتها مدينة سبها جنوب ليبيا في الفترة الأخيرة، انطلاقاً من وجودهما في النيجر مما عجل بتسليمهما إلى ليبيا إلى جانب تسريبات عن تدخل فرنسي وأخرى عن صفقة مالية باهظة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لمدونة الرأي الأزوادي2014