الجمعة، 22 أغسطس 2014

الشعب النيجري واهتمامه بالثقافة الإسلامية

الرأي الأزوادي -جريدة الاتحاد


الشعب النيجري واهتمامه بالثقافة الإسلامية
* الموقع الجغرافي المهم لجمهورية النيجر ونتائجه:

إن جمهورية النيجر لها موقع جغرافي مهم جدا فلها حدود مع الكثير من بلدان إفريقيا الغربية وهي: نيجيريا، ومالي، وبركينا فاسو، وبنين، ولها حدود مع إفريقيا الوسطى وعلى التحديدجمهورية التشاد، كما أن لها حدود مع بلدين من بلدان إفريقيا الشمالية وهما الجزائر وليبيا، وهذا الموقع الجغرافي له نتائج كبيرة ومهمة من بينها أن شعب النيجر كانت له روابط تاريخية قديمة جدا مع شعوب تلك البلدان التي لها حدود مع هذه المنطقة التي تكون جمهورية النيجر الحالية وهذه الروابط تشمل الميادين البشرية والدينية والثقافية والتجارية والسياسية وغيرها.

وزيادة على تلك المناطق المجاورة فإن منطقة النيجر كانت لها روابط قديمة مع مناطق أخرى مثل: مصر والسودان ومنطقة الحجاز التي توجد بها مكة المكرمة والمدينة المنورة وغيرها من مناطق العالم.

*- عناية الشعب النيجري بالثقافة الإسلامية:

لقد انتشر الإسلام في هذه المنطقة النيجرية شيئا فشيئا ابتداء من القرن الأول الهجري، وكما تقول الإحصائيات الرسمية النيجرية فإن الإسلام اليم يمثل 99% من سكان جمهورية النيجر.

ونظرا إلى قوة مركز الإسلام بهذه المنطقة فإن سكانها قد اعتنوا بالثقافة الإسلامية منذ القديم وكان أبناها يذهبون إلى مختلف البلدان الإسلامية لطلب العلم والثقافة الإسلامية بجميع فروعها، كما نجده في مناطق غرب إفريقيا وبلاد المغرب فإن سكان النيجر هم من أهل السنة ومذهبهم الفقهي هو المذهب المالكي.

وقد حاول الإستعمار الفرنسي القضاء على هذه الثاقفة الإسلامية بهذه المنطقة النيجرية ولكن السكان قاوموا هذه الجهود الإستعمارية وواصلوا العناية بالإسلام وثقافته بكل إصرار وتصميم ومنذ الأيام الأولى للإستقلال بدأ السكان يطالبون الدولة النيجرية الجديدة ببناء مدارس للتعليم العربي الإسلامي في مدنهم وقراهم فاضطرت الدولة النيجرية إلى الإستجابة لمطالبهم الملحة وبذلك نشأ في الجمهورية نظام التعليم العربي الإسلامي الرسمي الذي نجد مدارسه في كل جهات جمهورية النيجر.

كما أنه منذ الإستقلال بدأ النيجريون يطلبون من الدولة النيجرية بعث شبابهم للدراسة بالبلدان الإسلامية العربة فقامت الدولة بذلك منذ السنة الأولى للإستقلال وحتى اليم وبذلك درست مجموعات كبيرة من النيجريين بمصر وتونس والجزائر ونيجيريا والعراق والأردن والسعودية والسودان وموريتانيا والمغرب وغيرها في البلدان الإسلامية، ونظرا إلى عناية الدولة النيجرية بهذا التعليم العربي الإسلامي، فإن منظمة المؤتمر الإسلامي لما قررت إنشاء جامعة إسلامية لطلاب منطقة غرب إفريقيا اختارت جمهورية النيجر فأنشأت بها هذه الجامعة الإسلامية الموجودة بجنب مدينة ساي التي تبعد عن نيامي بحوالي 55كلم(جنوب العاصمة)

*- دور الثقافة الإسلامية في الوحدة النيجرية:

لقد تحدثنا فيما سبق عن عناية الشعب النيجري بالإسلام وثقافته منذ العصور الأولى للإسلام وثقافته.

هذا وإن المجموعات البشرية المكونة للشعب النيجري هي عديدة وأهمها الهوسا والطوارق والزرما والسنغاي والفلانيين والكانوري والعرب والتوبو وغيرهم وعلى الرغم من اتساع خريطة النيجر التي تصل إلى 1،267،000كم2 وتباعد السكان فإن الإسلام وثقافته يجمعان هذه الجموعات العرقية المتباعدة وبسبب الإسلام وثقافته يعتبر النيجريون أنفسهم إخوة وذلك أن الإسلام وثقافته يعتبران أساس الهوية الثقافية التاريخية للشعب النيجري، فالإسلام إذا هو العامل الأساسي للوحدة النيجرية.

*- التراث الثقافي الإسلامي بجمهورية النيجر:

إن الإسلام هو أساس التقاليد الإجتماعية النيجرية ويعتز النيجريون بتاريخهم الإسلامي وبتاريخ الممالك الإسلامية العديدة التي تكونت بهذه المنطقة النيجرية مثل ممالك السنغاي والهسا والطوارق والفلانيين والكانوري، ومن مايجب التنبيه إليه أن المئات من العائلات النيجرية تملك مخطوطات إسلامية عربية قديمة في مختلف فروع الثقافة العربية الإسلامية وهي تحرص على المحافظة عليها.

وقد كان المرحوم بوبو هما رئيس البرلمان النيجري في عهد الرئيس ديوري هماني قد جمع كمية كبيرة من هذه المخطوطات العربية الإسلامية وهي توجد الآن بمركز المخطوطات العربية التابع لجامعة نيامي، كما أن العلامة محمد ابراهيم محمد المؤمن الطارقي قد أسس في مدينة أبلغ (شمال محافظة طاوا) مكتبة جمع فيها الكثير من هذه المخطوطات العربية الإسلامية القديمة.

*- الدور الذي يجب أن تقوم به الدولة النيجرية في مجال الثقافة الإسلامية:

إنه نظرا لما شرحناه من أهمية الثقافة الإسلامية قي تاريخ الشعب النيجري قديما وحديثا فإنه من واجب الدولة النيجرية ـ على الرغم من أنها علمانية ـ أن تهتم بتاريخ الإسلام وثقافته في هذا البلد المسلم، ومن أمثلة هذا الإهتمام أن تقوم الدولة النيجرية بإعطاء التربية الإسلامية واللغة العربية وتاريخ الممالك الإسلامية بالنيجر مكانا محترما وكافيا في مناهج التعليم الإبتدائي والثانوي والعالي، وذلك للمحافظة على هويتنا الثقافية التاريخية الإسلامية وتربية أبنائنا تربية إسلامية صحيحة وهو شيء سيساهم كثيرا في تقوية الوحدة الوطنية النيجرية.

*- الدور الذي يجب أن يقوم به العلماء ووسائل الإعلام النيجرية:

إن علماء الإسلام ببلدنا النيجر يجب عليهم أن يساهموا في نشر الثقافة الإسلامية الصحيحة والتعريف بمبادئ الإسلام الأصيل ونشر تاريخ الإسلام وثقافته ببلدنا النيجر، ونظرا للأهمية الكبرى لوسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية، فإن الصحافة والإذاعات والتلفزيونات العمومية والخصوصية ببلدنا النيجر يجب أن تقوم بدورها في مجال المحافظة على هويتنا وشخصيتنا الثقافية والتاريخية الإسلامية، وفي النهاية فإننا نلح على ضرورة عناية النيجريين دولة وشعبا بهويتنا الثقافية الإسلامية لأن ذلك سيقوي من عناية الشعب النيجري واعتزازه بماضيه المجيد وهو ما يدعوه إلى العمل ببناء حاضره بكل عزيمة وتصميم والإهتمام بتخطيط بناء مستقبله وكما يقول بعض علماء التاريخ : "إن الشعب الذي لا يعتني بهويته الثقافية وتاريخه هو في الواقع شعب ميت" ولذلك يجب أن لا يكون شعبنا النيجري شعبا ميتا متأخرا بل يجب أن يكون شعبا حيا ومتحركا ومعتزا بإسلامه وثقافته الإسلامية العربية التاريخية، هذا الإسلام الذي لا يمنعنا من الحوار والتفاهم والتعاون مع الأديان والثقافات والحضارات الأخرى، على أساس الإحترام المتبادل بين الجميع، وبشرط محافظتنا على هويتنا وثقافتناالإسلامية كما قال الله تعالى: <لكم دينكم ولي دين > صدق الله العظيم.

بقلم الأستاذ/ محمد أحمد شفيع

محاضر سابق بالجامعة الإسلامية بالنيجر
                                                                                           النائب الأول لرئيس المجلس الإسلامي بالنيجر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لمدونة الرأي الأزوادي2014