الخميس، 7 أغسطس 2014

هل تدفن شركة توتال الفرنسية مشروع الشرق الأوسط الكبير



مما لاشك فيه ذلك الارتباط  العضوي بين  المشروع الفرنسي و الدور الجزائري  في منطقة الساحل ذلك أن الاقتصاد محرك السياسة فالدبلوماسية  الفرنسية تحركها شركة توتال النفطية  وتملك سونتراك الجزائرية 28% من أسهم توتال  ولذا فهي  جزء من المشروع الفرنسي الذي يمنح  جنرالات الجزائر حق توقيع  الاتفاقيات التي تطبخ في وزارة الدفاع الفرنسية   وقد صرح الرئيس المالي إبراهيم بوبكر كيتا بأن اختيار الوساطة الجزائرية  لم يأت من فراغ بل هو نتيجة معرفة مالي وفرنسا برفض الجزائر حق تقرير مصير الشعب الأزوادي .
يذكر أن منطقة شمال إفريقيا تعاني من صراع المشاريع بين مستعمر قديم يحدث برنامجه الاستعماري وبين قوى كبرى لها مشاريع إقليمية ودولية ترغب في ضم شمال وغرب إفريقيا لمشاريعها الشرق أوسطية والمتوسطية وكل هذه القوى تستخدم وكلاءها لتمرير مشاريعها والتصدي لمنافسيها .
و عندما ترغب فرنسا في التصدي  لمشروع الشرق الأوسط الكبير الذي ينص على قيام دولة كردية بشمال العراق في منطقة الشرق الأوسط ودولة طارقية بشما مالي وشمال النيجر في منطقة شمال وغرب إفريقيا  تقوم باريس  بتحريك عملاءها من القادة العرب والأفارقة  لشيطنة المنخرطين في مشروع واشنطن الإقليمي وتصفه بأنه مؤامرة صهيونية لتفتيت المنطقة وتحويلها إلى دويلات طائفية وعرقية لتفتيت المفتت وتقسيم المقسم وتجزئة المجزء .
 وتتصدى باريس له بكل قوتها بتحريك الجزائر وإيران ومعسكر الممانعة الذي تقوده طهران  ويضم الأحزاب الصفوية العراقية وحزب الفرس اللبناني وكذلك تستخدم باريس الاتحاد الإفريقي  ثم  تشتري ذمم بعض  قيادات الشعوب المعنية بالأمر للانخراط في المشروع الفرنسي الرامي للحفاظ على الحدود الموروثة عن استعمارها الفاسد عبر اتفاقيات موقعة في الجزائر تجرد مقاومة تلك الشعوب من كل الحقوق التي منحها  الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .
وتستخدم  باريس نفس إستراتيجية الدول الاستعمارية  في استهداف بعض المناطق تحت غطاء محاربة الإرهاب  فتقوم  بمساعدة الجزائر بزرع التنظيمات الإرهابية وتتدخل عسكريا لدفن طموحات الشعب الأزوادي بحجة محاربة تلك الحركات وتكلف الجزائر بتنفيذ خارطات طريق تجرد الأزواديين من كل حق فالاعتراف بدستور مالي وتقديس وحدتها الترابية يعني عدم شرعية قيام الحركات من أساسها فالدستور لا يسمح بجيشين في دولة واحدة ذات مؤسسات دستورية والاعتراف بالوحدة الترابية يعني أن الدماء الأزوادية التي سالت من اجل بناء دولة أزواد ذهبت هباء منثورا ولا أدري بأي وجه تستطيع الوساطة الجزائرية تقديم هذه المقترحات  للقيادات التي رفعها الشعب إلى  منزلة القديسين .
لقد عبر الشعب  الأزوادي عن رفضه لخارطة الطريق التي سربها الإعلام للجمهور وبدأت التداعيات لذلك الرفض تصل إلى فرنسا والجزائر والأطراف المعنية  وسوف تفرز تداعياته ربيع أزوادي يعصف  بالمشروع الفرنسي  الداعم لوحدة مالي الترابية واقتلاعه من منطقة شمال وغرب افريقيا وفتح المجال لمشروع الشرق الأوسط الكبير وفتح الأبواب للشركات الصينية والروسية  لتقتلع توتال من القارة الإفريقية واقتلاع فرنسا من  الملفات الشرق أوسطية وعلى رأسها الملف السوري واللبناني والعراقي  وهي ملفات تشهد تراجع الدور الفرنسي فيها مع تقهقر واضح لشعبية هولاند وحزبه في استطلاعات الرأي التي تؤكد عودت اليمين للأليزي واكتساحه البرلمان والبلديات وتعاني باريس تراجع على كافة الأصعدة  والمستويات  وان الوساطة الجزائرية لا تعدوا كونها محاولة يائسة لإنعاش دور باريس  فشركة توتال الفرنسية أخذت على عاتقها محاربة المشروع الأمريكي " الشرق الأوسط الكبير " الذي تعمل عليه واشنطن منذ عام 1995 .
لقد وصلت باريس وواشنطن مرحلة الصراع المكشوف  على منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا  وهذا ما يفسر تحريك فرنسا الثورة المضادة للربيع العربي وقد كانت الوساطة الجزائرية بين العراق وإيران عام 1975 السبب الرئيسي في الحرب العراقية  الإيرانية التي دامت ثماني سنوات وراح ضحيتها الملايين من أبناء الشعبين لأن الجزائر استخدمت عقود سونتراك مع مصافي عبدان الإيرانية  لإرغام العراق على التنازل عن حقوقه في شط العرب  ثم قامت شركة توتال الفرنسية بإنجاح  ثورة الخميني عام 1979  التي جرت الويلات على المنطقة لتربح شركات السلاح الفرنسي من طرفي النزاع وخاصة من الجانب العراقي وتربح نفطيا من الجانب الإيراني   .
ويعتبر التدخل الفرنسي في شمال مالي حملة استعمارية تقودها شركة توتال للسيطرة على ثروات المنطقة و بعد توقيعها اتفاقية الدفاع المشترك مع باماكو التي يسمح شقها الاقتصادي لشركة توتال وأخواتها بنهب ثروات المنطقة والتصدق على دولة مالي  من فتات ما تنهبه من شمالها بلغة الأرقام سوف تنهب فرنسا  حوالي 450 مليار يورو من ثروات أزواد سنويا وتتصدق على حكومة مالي بمليار ونصف يورو سنويا ويبقى الشعب الأزوادي يعاني الجوع والحرمان و منح عقارات لمسؤوليين ماليين وبعض قادة الحركات الموقعة  وإسقاط تهم الإرهاب عمن كان متحالف مع القاعدة و منحهم صكوك غفران من مجلس وزراء الداخلية العرب  بعد  التوقيع الاتفاق في الجزائر و أن الأنظمة الداعمة والممولة للعدوان الفرنسي هي التي تربطها عقود نفطية مع توتال .

وبعدما استطاع المشروع الأمازيغي  إبعاد خطر الغزو الأمريكي عن أقاليم أزواد والتصدي لحملات التحريض التي كان الإعلام الغربي يشنها ضد شعبه مابين 2005-2010  يسعى المشروع الأمازيغي لإخراج أزواد من عنق الزجاجة الفرنسية والتصدي لحملة  توتال  الاستعمارية  من خلال  تحالفه مع بعض  لوبيات دوائر صنع القرار الغربي  عبر احتضان الدور القيادي المصري لتكون  القاهرة واجهة إقليمية للمشروع الأمازيغي في المنطقة العربية   ضمن منظومة  مشروع الشرق الأوسط الكبير وأن تقوم مصر بمصالحة  المغرب والجزائر  لتصبح العلاقات بينهما مثل العلاقات الألمانية الفرنسية على أسس منها حل القضية الصحراوية وفق الطرح المغربي " الحكم الذاتي للأقاليم الصحراوية ضمن السيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية " وترسيم الأمازيغية في جميع دول شمال إفريقيا ودعم استقلال أزواد لتكون دولة مغاربية  .

و أيضا  ليحقق مشروع الشرق الأوسط الكبير نظرية الأمن القومي المصري التي اقرها الظاهر بيبرس بعد معركة عين جالوت التي انهزم فيها جيش هولاكو والتي تنص على أن الأمن القومي المصري يمتد من  تمبكتو إلى بغداد بمعنى منع الفرس من السيطرة على العراق ومنع الزنوج من السيطرة على بلاد الطوارق وبهذا تكون الدولة الكردية السنية الشافعية المذهب حاجز يمنع الهيمنة  الصفوية الفارسية على العراق والخليج وتكون الدولة الطارقية الأزوادية السنية المالكية المذهب حزام ابيض يمنع تمدد الزنوج في المغرب الكبير وتكون الدولة الطارقية في  أزواد سند لمصر في صراعاتها المائية ضد الحبشة والدول الإفريقية التي ترفض حصة مصر من النيل وإنجاح عملية السلام على كافة المسارات وفق المبادرة العربية  بقيام دولة فلسطينية بجوار إسرائيل  وضمان حق العودة للفلسطينيين .

وستكون دولة أزواد جمهورية فيدرالية بين ثلاثة أقاليم " غاو وتمبكتو وكيدال " لكل إقليم حكومته المحلية وبرلمانه المحلي وسوف يقوم كل إقليم بإبرام اتفاقيات اقتصادية مع الدول المجاورة له بحيث يقوم إقليم تمبكتو بإبرام اتفاقيات اقتصادية واستثمارية  مع المغرب وموريتانيا تمنح هاتان الدولتان امتيازات تفضيلية كما تقوم هذه  الدول بإنشاء موانئ خاصة بالتجارة مع تمبكتو في  نواذيبو والداخلة وبوجدور وإقامة مشاريع  شبكات اتصالات واستثمارات  سياحية وطاقة عبر برلمانه وحكومته المحلية ويقيم إقليم كيدال علاقات مماثلة مع الجزائر تشمل السماح لشركة سونتراك بالعمل في الإقليم كما سيبرم إقليم  غاو اتفاقيات مع النيجر وبوركينافاسو وسوف يقوم كل إقليم بصياغة قوانينه الداخلية كما ستشارك النخب الأكاديمية أساتذة القانون والعلوم السياسية الازواديين والمراجع الدينية في صياغة الدستور الاتحادي  ليكون مستمدا من الشريعة الإسلامية ويعالج بعض الأمور العصرية بطريقة تضمن الأصالة والمعاصرة وتكون دولة أزواد دولة  ذات نظام برلماني على الطريقة التركية  تتوزع السلطات فيه بين الرئاسات الثلاثة " رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ورئاسة البرلمان  وتتوزع المناصب السيادية بين الأقاليم الثلاثة  .

بحيث يكون رئيس الجمهورية من غاو ورئيس الحكومة من تمبكتو ورئيس البرلمان من كيدال ورئيس مجلس الشيوخ الغرفة الثانية للبرلمان من عرب أزواد ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي من السنغاي ورئيس المجلس الأعلى للقضاء من الفولان  وتكون تمبكتو العاصمة الإدارية السياسية و أن تصبح غاو العاصمة الاقتصادية وكيدال العاصمة الثقافية لأن اختيار العواصم تحدده معايير معينة فمثلا معظم أبطال سوريا من حلب وحمص وجبل اللاذقية  لكن دمشق هي العاصمة ومعظم أبطال ومشاهير العراق من الموصل والبصرة والنجف لكن العاصمة بغداد ومعظم أبطال فلسطين من غزة ورام الله والخليل  لكن العاصمة القدس  وعليه كثير من مشاهير وأبطال أزواد من كيدال وغاو و منكا   لكن العاصمة الإدارية  السياسية الاتحادية هي تمبكتو .

وتعمل المرجعيات الأمازيغية على النهوض بالواقع الأمازيغي على ضوء المتغيرات الإقليمية وإيجاد آليات  لتحديث المشروع الأمازيغي  ليصبح متكاملا سياسيا واجتماعيا وثقافيا  يراعى خصوصية كل مكون أمازيغي وارتباطاته التاريخية والمذهبية وحلفائه بحيث تصب كلها في خدمة القضية الأمازيغية سواء  تعلق الأمر باستقلال أزواد عن الاحتلال المالي أو  بترسيم ودسترة  الأمازيغية وصولا لبناء منظومة أمازيغية  يتم فيها رد الاعتبار للإنسان الأمازيغي الذي كان عنصرا محوريا في بناء الحضارة الإسلامية في الأندلس وفي دولة المرابطين ويتمكن الحراك الأمازيغي من تحصين جبهته الداخلية لحماية المشروع الوطني من أي لعبة أمم .

وصولا لوضع مثل  الشعوب المشابهة  كالأرد والبشتون والأتراك والكرد وكلها شعوب مسلمة  تملك مشاريع وطنية قومية تتحدث بلغاتها وتقوم بتدريس العلوم الدينية بالعربية كما تقوم بتدريس الطب والهندسة بالانجليزية فحافظت على لغاتها وأبقت العربية لغة لتعليم الدين والانجليزية لغة لتعليم التقنيات الحديثة  وتعيش مع جيرانها من القوميات الأخرى باحترام وسلام وتعايش ضمن دول متعددة الأعراق وتعاملت مع الغرب بندية و مع العالم العربي وفق المصالح المشتركة ضمن احترام ثوابت الطرفين وهي متطورة تقنيا ومتقدمة اقتصاديا مثل النمور الأربعة " كوريا الجنوبية  وماليزيا وتايوان وتايلاند" .

إن النضال السلمي أجدى وأنفع للقضايا العادلة  وأن المقاومة الذكية عبر القلم أفضل من العنتريات الكاذبة كما أن الدعوة إلى الإسلام تبدأ من تلميع صورته  ثم تشجيع الجاليات الإسلامية في الدول الغربية على المشاركة السياسية في بلدانهم والدخول في تحالفات لخدمة قضاياهم وتلميع صورة الإسلام وجعله رقما صعبا في سياسة بلدانهم التي يحملون جنسيتها والمساهمة في تعديل دساتير وأنظمة وقوانين بلدانهم لإعطاء الدين الإسلامي مكانة تساوي بقية الأديان السماوية الأخرى في الغرب واستصدار قوانين وتشريعات تجرم الإساءة للإسلام ونبيه ورموزه وتجريم الإساءة للشعوب المسلمة مثل قوانين معاداة السامية وقوانين تجريم إنكار مذبحة الأرمن.


أبو بكر الأنصاري


رئيس المؤتمر الوطني الأزوادي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظة لمدونة الرأي الأزوادي2014